بين نفِيْ رسمي وتصريح غامض، عاد ملف العلاقات الجزائرية الإسبانية المتوترة إلَّى الواجهة من جديد “رغم الترحيب الإسباني”.

نفت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، مساء السبت، “إعادة العلاقات التجارية مع مدريد”، ووصفت الأخبار المنشورة بأنها “مزاعم كاذبة لم تصدر عَنّْ أي جهة رسمية”.

نشرت وكالة الأنباء الجزائرية الحكومية، المعروف عَنّْها “بتعليمات رسمية فقط”، تقريرا، مساء السبت، اعتبرت فِيْه الأخبار والتقارير الإعلامية حول “تراجع الجزائر برفع تجميد التعاملات التجارية مع إسبانيا”. مجرد “ادعاءات روجت لها بعض الأطراف”.

فِيْ تقرير اعلامي اطلعت عليه “العرب اليوم نيوز” بعَنّْوان “العلاقات التجارية الجزائرية مع اسبانيا لا تراجع من قبل الدولة” شنت وكالة الانباء الجزائرية الرسمية هجوما لاذعا على وسائل الاعلام والمتحدثين عَنّْ “اعادة العلاقات التجارية مع اسبانيا”. . ”

وذكرت الوكالة فِيْ تقريرها أن “المزاعم التي تناقلتها حاليا بعض وسائل الإعلام حول التراجع المزعوم للجزائر فِيْ علاقاتها التجارية مع إسبانيا غير صحيحة، لعدم صدور أي أنباء رسمية بهذا الشأن من قبل الجهات أو الهِيْئات المختصة”.

ولفتت إلَّى أن “القرارات المتعلقة بالقضايا المالية والتجارية المتعلقة بالتزامات الدولة تتخذ على مستوى مجلس الوزراء أو من قبل وزارة المالية أو بنك الجزائر وتعلن عبر القنوات الرسمية”.

كَمْا أشارت إلَّى أن “القرارات المتعلقة بالقضايا المالية والاقتصادية، لا سيما تلك المتعلقة بعلاقات الجزائر مع شركائها التجاريين، تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للدولة، وليس ضمن اختصاص المنظمات المهنية مثل جمعية البنوك والمالية. المؤسسات “.

رغم أن الهِيْئة المالية هِيْ التي أعلنت قبل نحو 50 يومًا “تجميد المعاملات التجارية من وإلَّى إسبانيا”.

وأشارت وكالة الأنباء الجزائرية فِيْ تقريرها إلَّى أن “جمعية البنوك والمؤسسات المالية التي ذكرتها هذه الوسائل الإعلامية لا يمكن أن تحل محل مؤسسات الدولة المسؤولة عَنّْ المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية، فهِيْ مجرد جمعية ذات طابع مهني تدافع عَنّْ حقوق الإنسان. مصالح أعضائها “.

وتابعت “إن المنظمة المذكورة هِيْ عبارة عَنّْ اتحاد يضم 30 مصرفاً ومؤسسة مالية عاملة فِيْ الجزائر، 10 منها أجنبية، من بينها بنكان فرنسيان، BNP Paribas و Société Générale”.

ونبهت إلَّى أن رسالتها “تتمثل فِيْ تمثيل المصالح الجماعية لأعضائها تجاه الآخرين، خاصة مع السلطات العامة وبنك الجزائر، وهُو سلطة ضبط النشاط المصرفِيْ”.

تعليق تجميد غامض

وفِيْ تعليمات حصلت “العرب اليوم نيوز” على نسخة منها، أصدرت “النقابة المهنية للبنوك والمؤسسات المالية” بالجزائر بيانا بشأن “رفع التجميد المصرفِيْ لعمليات الاستيراد والتصدير من الجزائر وإسبانيا”، وأعلنت أن قرار التجميد السابق “علق”.

يأتي ذلك بعد قرار المؤسسة المالية الجزائرية نفسها فِيْ 8 يونيو، “وقف الصادرات والواردات من وإلَّى إسبانيا”، وتم توجيهه إلَّى جميع المؤسسات المالية ومديري البنوك فِيْ الجزائر، فِيْما يشبه بحسب الخبراء ” قطع العلاقات الاقتصادية “.

وأرجعت سبب قرارها إلَّى تحرك السلطات الجزائرية لـ “تعليق معاهدة الصداقة والعلاقات الطيبة مع إسبانيا”.

وأكدت الحكومة الجزائرية أنها لن تشمل صادرات الغاز إلَّى إسبانيا. كَمْا شددت على أن قرار “تعليق معاهدة الصداقة” مع إسبانيا لن يضر باتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وشددت على أن “الأمر ثنائي مع مدريد”.

أعلنت الجزائر مطلع الشهر الماضي “التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع إسبانيا”.

تم التوقيع على المعاهد فِيْ أكتوبر 2002 بين الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة والعاهل الأسباني السابق الملك خوان كارلوس.

وتشهد العلاقات الجزائرية الإسبانية حالة من التوتر غير المسبوق، حيث استدعت الجزائر سفِيْرها فِيْ مدريد فِيْ مارس الماضي بسبب الخلافات الدبلوماسية.

أعلام الجزائر وإسبانيا - أرشيف

رد الفعل الرسمي الاسباني

ورغم النفِيْ الرسمي فِيْ الجزائر، سرعان ما قوبل قرار “رفع تجميد المعاملات التجارية” بـ “صدى” فِيْ مدريد، حيث أكدت إسبانيا أنها “تريد علاقات طبيعية مع الجزائر، كَمْا هُو الحال مع جميع دول الجوار”.

ونقلت وكالة الأنباء الإسبانية، السبت، عَنّْ تعليق صادر عَنّْ وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل الباريس أكد فِيْه أن مدريد “تريد أن تكون العلاقات مع الجزائر كَمْا هِيْ تمامًا مع جميع دول الجوار، وأن تقوم على الصداقة، المنفعة المتبادلة والاحترام المتبادل والمساواة فِيْ السيادة وعدم التدخل فِيْ الشؤون الداخلية.

رد فعل إسباني عبر وكالة الأنباء الرسمية

خسائر كبيرة

بلغ حجم التبادل التجاري بين الجزائر وإسبانيا معدل سنوي تجاوز 8 مليارات دولار، فِيْ حين لم يوضح القرار الرسمي ما إذا كان يشمل واردات الغاز إلَّى إسبانيا.

بلغ حجم التبادل التجاري بين الجزائر وإسبانيا، حسب آخر الإحصاءات الرسمية من خدمات الجمارك الجزائرية للشهر الأخير من عام 2022، نحو 8 مليارات دولار، وهُو رقم كبير جدًا مقارنة بواقع التجارة البينية الجزائرية مع الجزائر. خارج البلاد.

حتى نهاية العام الماضي كانت إسبانيا “المورد الخامس” للجزائر والعميل “رقم 3” للجزائر.

بتفصيل الأرقام، فإن ميزان حجم التبادل التجاري مع إسبانيا “لصالح الجزائر”. وبلغت واردات إسبانيا من الجزائر نهاية العام الماضي 5.64 مليار دولار، مقسمة إلَّى 3.47 مليار دولار، وواردات الغاز ومواد الطاقة الأخرى، و 1.42 مليار دولار من النفط الخام.

أما صادرات إسبانيا إلَّى الجزائر نهاية عام 2022، فقد بلغت 2.16 مليار دولار، مقسمة إلَّى 109 ملايين دولار مواد حديدية، و 95.3 مليون دولار “أصباغ جاهزة”.

حققت الجزائر خلال العامين الماضيين إنتاجا من الحديد، وصفته بـ “التاريخي”، تجاوز 2.23 مليون طن، مقابل بدء الجزائر فِيْ الاستثمار فِيْ مناجم الحديد والرخام بشراكة صينية، تستوردها من إسبانيا، رغم توقعات بارتفاع أسعارها فِيْ الأسواق المحلية الجزائرية بعد توقف استيرادها من إسبانيا. .

وبعد أن أكدت الجزائر التزامها بالحفاظ على إمدادات الغاز لإسبانيا، خلافا لإصرار مدريد على احترام العقود، بقيت قيمة “5.64 مليار دولار” فِيْ خزينة الجزائر، مقابل خسارة مدريد البالغة 2.16 مليار دولار.

لكن خبراء اقتصاديين فِيْ الجزائر لم يستبعدوا أن تبحث مدريد عَنّْ منافذ غاز أخرى “لتقليل الاعتماد على الغاز الجزائري” فِيْ ظل المنافسة الشرسة التي تواجهها الجزائر فِيْ سوق الغاز الإسبانية من عدة دول وعلى رأسها الولايات المتحدة، روسيا والنرويج وقطر.

لقاء سابق بين الرئيس الجزائري ورئيس الوزراء الاسباني